مقالات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ طه (1)
ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2)
إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3)
تَنْزيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ الْعُلى (4)
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (5)
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى (6)
وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى (7)
اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8)
وَ هَلْ أَتاكَ حَديثُ مُوسى (9)
إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (10)
فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (11)
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (12)
وَ أَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (13)
إِنَّني أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْني وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْري (14)
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (15)
فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (16)
وَ ما تِلْكَ بِيَمينِكَ يا مُوسى (17)
قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَ لِيَ فيها مَآرِبُ أُخْرى (18)
قالَ أَلْقِها يا مُوسى (19)
فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (20)
قالَ خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعيدُها سيرَتَهَا الْأُولى (21)
وَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (22)
لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (23)
اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (24)
قالَ رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْري (25)
وَ يَسِّرْ لي أَمْري (26)
وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِساني (27)
يَفْقَهُوا قَوْلي (28)
وَ اجْعَلْ لي وَزيراً مِنْ أَهْلي (29)
هارُونَ أَخي (30)
اشْدُدْ بِهِ أَزْري (31)
وَ أَشْرِكْهُ في أَمْري (32)
كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثيراً (33)
وَ نَذْكُرَكَ كَثيراً (34)
إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصيراً (35)
قالَ قَدْ أُوتيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (36)
وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (37)
إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (38)
أَنِ اقْذِفيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لي وَ عَدُوٌّ لَهُ وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْني (39)
إِذْ تَمْشي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَ فَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنينَ في أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (40)
وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسي (41)
اذْهَبْ أَنْتَ وَ أَخُوكَ بِآياتي وَ لا تَنِيا في ذِكْري (42)
اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (43)
فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (44)
قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (45)
قالَ لا تَخافا إِنَّني مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَرى (46)
فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَني إِسْرائيلَ وَ لا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (47)
إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى (48)
قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (49)
قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (50)
قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (51)
قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى (52)
الَّذي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فيها سُبُلاً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (53)
كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (54)
مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فيها نُعيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (55)
وَ لَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَ أَبى (56)
قالَ أَ جِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (57)
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَ بَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَ لا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (58)
قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَ أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (60)
قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (61)
فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَ أَسَرُّوا النَّجْوى (62)
قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُريدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَ يَذْهَبا بِطَريقَتِكُمُ الْمُثْلى (63)
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَ قَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (64)
قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (65)
قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (66)
فَأَوْجَسَ في نَفْسِهِ خيفَةً مُوسى (67)
قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (68)
وَ أَلْقِ ما في يَمينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (69)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَ مُوسى (70)
قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبيرُكُمُ الَّذي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ وَ لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَ أَبْقى (71)
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الَّذي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72)
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَ ما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَ اللَّهُ خَيْرٌ وَ أَبْقى (73)
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فيها وَ لا يَحْيى (74)
وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (75)
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدينَ فيها وَ ذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)
وَ لَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَريقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى (77)
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (78)
وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ ما هَدى (79)
يا بَني إِسْرائيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى (80)
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبي فَقَدْ هَوى (81)
وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (82)
وَ ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (83)
قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَري وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (84)
قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)
فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدي (86)
قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)
فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (88)
أَ فَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَ لا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً (89)
وَ لَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُوني وَ أَطيعُوا أَمْري (90)
قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (91)
قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)
أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْري (93)
قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتي وَ لا بِرَأْسي إِنِّي خَشيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَني إِسْرائيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلي (94)
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (95)
قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لي نَفْسي (96)
قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97)
إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98)
كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَ قَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (99)
مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (100)
خالِدينَ فيهِ وَ ساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (101)
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102)
يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103)
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَريقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104)
وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (105)
فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (106)
لا تَرى فيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً (107)
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108)
يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109)
يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحيطُونَ بِهِ عِلْماً (110)
وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَ قَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111)
وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً (112)
وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَ صَرَّفْنا فيهِ مِنَ الْوَعيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (113)
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُلْ رَبِّ زِدْني عِلْماً (114)
وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115)
وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْليسَ أَبى (116)
فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (117)
إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فيها وَ لا تَعْرى (118)
وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فيها وَ لا تَضْحى (119)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى (120)
فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (121)
ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى (122)
قالَ اهْبِطا مِنْها جَميعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى (123)
وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (124)
قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصيراً (125)
قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (126)
وَ كَذلِكَ نَجْزي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقى (127)
أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ في مَساكِنِهِمْ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (128)
وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى (129)
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِها وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (130)
وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى (131)
وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132)
وَ قالُوا لَوْ لا يَأْتينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَ وَ لَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (133)
وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى (134)
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى (135)